يُعد علم الإمارات العربية المتحدة رمزًا وطنيًا شامخًا، يجسد قصة اتحاد وريادة وطموحات أمةٍ استطاعت أن تبني لنفسها مكانة مرموقة على الساحة العالمية. إنه ليس مجرد راية، بل هو هوية جامعة وعنوان للفخر والانتماء يروي حكاية السيادة والعزة.
منذ اللحظة التاريخية لرفعه أول مرة في الثاني من ديسمبر عام 1971، أصبح هذا العلم بألوانه الأربعة شاهدًا على مسيرة تنموية فريدة. في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل تاريخ علم الإمارات، ونغوص في قصة تصميمه، ونكشف عن المعاني العميقة التي يحملها كل لون من ألوانه.
- قصة تصميم علم الإمارات: من الفكرة إلى الرمز
- الانضمام إلى المحافل الدولية
- المواصفات الفنية والقانونية لعلم الإمارات
- معاني ألوان علم الإمارات: رسالة من التاريخ العربي
- العلم الإماراتي اليوم: رمز الفخر والانتماء
- الخلاصة: رمز يجسد الماضي وطموح المستقبل
- الأسئلة الشائعة
قصة تصميم علم الإمارات: من الفكرة إلى الرمز

لم تكن ولادة العلم مجرد قرار، بل كانت نتاجًا لمشاركة وطنية واسعة عكست الحماس لقيام الدولة الجديدة.
مسابقة وطنية لاختيار علم الاتحاد
قبل حوالي شهرين من الإعلان الرسمي لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، أطلق الديوان الأميري في أبوظبي مسابقة عامة عبر جريدة “الاتحاد”. دعت المسابقة الفنانين والمصممين من داخل الدولة وخارجها لتقديم تصوراتهم لتصميم علم الدولة الوليدة.
لاقت المسابقة إقبالًا كبيرًا، حيث وصل عدد التصاميم المقدمة إلى ما يقارب 1,030 تصميمًا، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا الحدث والرغبة في المشاركة بصناعة رمز وطني خالد.
المصمم الفائز: عبد الله محمد المعينة
من بين آلاف التصاميم، تم اختيار تصميم واحد ليصبح راية الدولة. كان هذا التصميم من بين ستة نماذج قدمها شاب إماراتي هو السيد عبد الله محمد المعينة. في ذلك الوقت، لم يكن يعلم أن تصميمه سيُختار ليمثل دولة الإمارات لعقود قادمة.
نال المعينة جائزة نقدية تقديرية بلغت 4,000 درهم إماراتي، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت. ولم تكن هذه نهاية مسيرته، بل شغل لاحقًا منصب وزير مفوض في وزارة خارجية دولة الإمارات، ليظل في خدمة وطنه الذي صمم رايته.
اللحظة التاريخية: رفع العلم لأول مرة

يحمل تاريخ الثاني من ديسمبر عام 1971 مكانة خاصة في وجدان كل إماراتي، ففي هذا اليوم، ومع إعلان قيام الاتحاد، قام الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، برفع علم الإمارات بيده الكريمة لأول مرة.
كانت تلك اللحظة بمثابة إعلان رسمي لميلاد دولة مستقلة ذات سيادة، دولة تحمل تطلعات وآمال شعبها نحو مستقبل مشرق ومزدهر. أصبح العلم المرفوع رمزًا للسيادة الوطنية وبداية لعهد جديد.
الانضمام إلى المحافل الدولية
لم يقتصر رفع العلم على أرض الإمارات فقط. فبعد أيام قليلة من قيام الاتحاد، وتحديدًا في السادس من ديسمبر 1971، انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جامعة الدول العربية، لتصبح العضو الثامن عشر. وفي ذلك اليوم، خفق العلم الإماراتي عاليًا في مقر الجامعة بالقاهرة، معلنًا انضمام الدولة رسميًا إلى محيطها العربي.
المواصفات الفنية والقانونية لعلم الإمارات
لضمان توحيد شكل العلم وهيبته، تم تحديد مواصفاته بدقة عبر القانون.
المرسوم الرسمي والشكل الهندسي
صدر القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 1971 بشأن علم الاتحاد، والذي حدد المواصفات الفنية للعلم. نُشر المرسوم في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 ديسمبر 1971، ونص على ما يلي:
- الشكل العام: يتخذ العلم شكلًا مستطيلًا.
- الأبعاد: يكون طول العلم ضعف عرضه (بنسبة 2:1).
- الأقسام: يُقسم العلم إلى أربعة أقسام مستطيلة:
- القسم الأحمر: شريط عمودي يقع في طرف العلم من ناحية السارية (العمود). يبلغ عرض هذا الشريط ربع طول العلم، ويمتد ارتفاعه بعرض العلم كاملًا.
- الأقسام الأفقية: ثلاثة أشرطة أفقية متساوية في العرض، تشكل المساحة المتبقية من العلم. ترتيبها من الأعلى للأسفل هو: الأخضر، ثم الأبيض، ثم الأسود.
الحماية القانونية لرمز الدولة

لأن علم الإمارات يمثل هيبة الدولة ورمز سيادتها، فقد أولاه القانون حماية خاصة. نصت المادة الثالثة من القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 1971 على تجريم أي فعل يُقصد به إهانة العلم.
يُجرم القانون كل من “أسقط أو أتلف أو أهان بأية طريقة كانت علم الاتحاد” أو علم إحدى الإمارات الأعضاء. وتشمل الحماية أيضًا أعلام الدول الأخرى الصديقة. يُعاقب مرتكب هذا الجرم بالحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، أو بغرامة لا تزيد على ألف درهم إماراتي.
معاني ألوان علم الإمارات: رسالة من التاريخ العربي
تحمل ألوان العلم الإماراتي الأربعة دلالات عميقة مستمدة من التراث العربي والإسلامي، وهي ترمز في مجملها إلى الوحدة العربية.
بيت الشعر الملهم: صفي الدين الحلي
استلهم المصمم عبد الله المعينة ألوان العلم من بيت شعر شهير للشاعر العراقي صفي الدين الحلي، الذي يصف فيه الشمائل العربية الأصيلة:
“بِيضٌ صَنائِعُنا، خُضرٌ مَرابِعُنا، سُودٌ وَقائِعُنا، حُمرٌ مَواضِينا”
- بيض صنائعنا: ترمز للأعمال الطيبة وفعل الخير.
- خضر مرابعنا: ترمز للأرض الخصبة والنماء.
- سود وقائعنا: ترمز لقوة المعارك وبأسها.
- حمر مواضينا: ترمز للسيوف الملطخة بدماء الأعداء دلالة على القوة.
تحليل دلالات كل لون
كل لون في العلم يحمل رمزية خاصة تتناغم مع تاريخ الدولة وطموحاتها:
- اللون الأخضر: يرمز إلى النماء والازدهار والرخاء. إنه يعكس البيئة الخضراء والتطور الذي تشهده الدولة، ويرتبط تاريخيًا بالخلافة الراشدة، وهو لون يبعث على الأمل والتفاؤل.
- اللون الأبيض: هو رمز السلام والنقاء، ويمثل عمل الخير والبذل والعطاء الذي تنتهجه دولة الإمارات كسياسة إنسانية راسخة. كما كان الأبيض لونًا للخلافة الأموية والفاطمية.
- اللون الأسود: يرمز إلى القوة والمنعة والشجاعة ورفض الظلم. إنه يعكس قوة أبناء الإمارات وتكاتفهم. تاريخيًا، كان اللون الأسود هو راية الخلافة العباسية.
- اللون الأحمر: يمثل القوة والشجاعة والصلابة. والأهم أنه يرمز إلى تضحيات الأجيال السابقة والشهداء البواسل الذين رووا بدمائهم تراب الوطن لحماية مكتسباته. ويربط الشريط الأحمر العمودي جميع الألوان الأخرى، كأنه يوحدها “معًا في الوحدة”، وهو أيضًا لون ارتبط بالخلافة الهاشمية.
الجذور التاريخية لألوان الوحدة
تعود هذه الألوان الأربعة (المعروفة بألوان الوحدة العربية) إلى التاريخ العربي الممتد. ففي عام 1916، صمم الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس علمًا للقوات العربية التي كانت تقاتل الإمبراطورية العثمانية، عُرف باسم “علم الحجاز”. كان هذا العلم هو الأول الذي يجمع هذه الألوان الأربعة، وأصبح لاحقًا مصدر إلهام للعديد من الأعلام العربية الحديثة، بما في ذلك العلم الإماراتي.
العلم الإماراتي اليوم: رمز الفخر والانتماء

لم يعد العلم مجرد رمز تاريخي، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية ومنجزات الدولة الحديثة.
يرفرف علم الإمارات اليوم فوق مدنٍ نابضة بالحياة، تشهد نموًا متواصلًا في شتى المجالات، من التعليم والابتكار إلى المشاريع الجديدة التي ترسم ملامح المستقبل العمراني للدولة. في كل إمارة، يتجسد هذا الطموح في الأبراج الحديثة، والأحياء المستدامة، ومجمعات العقارات التجارية التي تعكس روح الاتحاد والتطور. تمامًا كما يوحّد العلم ألوانه في تناغمٍ فريد، توحّد هذه المشاريع الرؤية الوطنية نحو الازدهار والاستدامة.
يوم العلم الإماراتي
تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة سنويًا بمناسبة “يوم العلم الإماراتي“، التي تجسد أسمى معاني الوحدة الوطنية والولاء للقيادة. في هذا اليوم، تتوحد جميع المؤسسات والمنازل في الدولة لرفع العلم في وقت واحد، في مشهد مهيب يعبر عن التلاحم المجتمعي والفخر بالانتماء.
رمزية العلم في المحافل الدولية
يرفرف علم الإمارات عاليًا في جميع المحافل الدولية، من مقرات الأمم المتحدة والسفارات في عواصم العالم، إلى الفعاليات العالمية الكبرى مثل “إكسبو دبي” أو معرض ومؤتمر “ايه ام كونكلاف و أدمات” في أبوظبي، والبطولات الرياضية الإقليمية والعالمية.
كما حمل رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري العلم معه إلى محطة الفضاء الدولية، ليرفرف في الفضاء كدليل على طموح الدولة الذي لا حدود له. أصبح العلم رمزاً للسلام، والتسامح، والتقدم، والمبادئ التي قامت عليها دولة الإمارات.
الخلاصة: رمز يجسد الماضي وطموح المستقبل
يختزل العلم الإماراتي قصة نجاح فريدة؛ من فكرة في مسابقة وطنية إلى راية ترفرف في الفضاء. إنه أكثر من مجرد ألوان مرتبة، بل هو تجسيد حي لتاريخ من التضحيات، وحاضر من المنجزات، ومستقبل واعد بالطموح. لكل مواطن ومقيم على هذه الأرض، يمثل العلم رمزًا للوحدة والأمل والانتماء إلى قصة نجاح لا تزال فصولها تُكتب.
الأسئلة الشائعة
رُفع علم دولة الإمارات العربية المتحدة رسميًا لأول مرة في الثاني من ديسمبر عام 1971، وهو يوم إعلان قيام الاتحاد، وقد رفعه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
صمم العلم المواطن الإماراتي عبد الله محمد المعينة. فاز تصميمه في مسابقة وطنية أُطلقت قبل قيام الاتحاد، وشارك فيها أكثر من 1,030 تصميم.
يرمز اللون الأحمر إلى القوة والشجاعة وتضحيات الشهداء، والأخضر إلى النماء والازدهار، والأبيض إلى السلام والعطاء، والأسود إلى قوة أبناء الإمارات وشجاعتهم. وتمثل هذه الألوان مجتمعة الوحدة العربية.
وفقًا للقانون، علم الإمارات مستطيل الشكل طوله ضعف عرضه. يتألف من شريط أحمر عمودي جهة السارية بعرض يساوي ربع طول العلم، وثلاثة أشرطة أفقية متساوية بالألوان الأخضر (علوي) والأبيض (أوسط) والأسود (سفلي).
نعم، ينص القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 1971 على تجريم أي فعل من شأنه إهانة علم الاتحاد، مثل إسقاطه أو إتلافه. تصل العقوبة إلى الحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أو غرامة لا تزيد على ألف درهم إماراتي.