نبذه عن التمويل الإسلامي:

تعود أصول التمويل الإسلامي إلى قرون عديدة ويمكن تتبعها لتبدأ مع نشأة الإسلام كديانة. وهي أحد أشكال التمويل القائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية كما يمليها القرآن الكريم والسنة (وهي تعاليم وممارسات الرسول محمد عليه الصلاة والسلام) وعلماء الشريعة. 

ويختلف التمويل الإسلامي اختلافاً جوهرياً عن التمويل التقليدي حيث أن فرض ودفع الفوائد محظور تماماً وفقاً لتعاليم الإسلام. وبالنظر إلى قيامه على مفاهيم كالاستثمار الأخلاقي والشراء الأخلاقي فإن التمويل الإسلامي محكوم بمجموعة من القواعد والقوانين التي تحدد كيفية إجراء الأعمال والتجارة في منظومة اقتصادية تقوم على تحقيق العدالة لكافة المعنيين. 

وفيما يلي المبادئ الأساسية التي تحكم التمويل الإسلامي: 
  • حظر فرض ودفع الفائدة على القروض (والتي تسمى الربا).
  • تقاسم الربح والخسارة والمخاطر نظراً لكون الإسلام يشجع على الشراكة والتكامل الاجتماعي كما يحرص على عدم ضمان قدر ثابت من العائدات دون احتساب المخاطرة. 
  • منع المضاربة لضمان ارتباط العائدات بالجهد المبذول وليس الحظ. 
  • حظر إخفاء بعض جوانب العقد (كالسعر أو طبيعة السلعة أو وصفها) في التعاملات والعلاقات التعاقدية بحيث تكون واضحة وموثقة بالكامل.  
  • حظر كنز الأموال والثروات لضمان انتشار التنمية الاقتصادية وتنمية الثروات ونشرها بشكل يفيد المجتمع ككل. 
  • حظر الاستثمار والتجارة غير الأخلاقيين بحيث يمنع الاستثمار والتعامل في منتجات أو قطاعات معيّنة كالمشروبات الكحولية والأسلحة والقمار ولحم الخنزير والصفقات المالية المريبة. 

وبموجب الممارسات الحالية توجد لدى المؤسسات المالية الإسلامية مجلس يتولى شؤونها بحيث يتألف من علماء شريعة وهم الذين يوافقون على الهيكل التمويلي الإسلامي والتعاملات والصفقات التي تكون تلك المؤسسات طرفاً فيها. ومن خلال الموافقة على تلك المعاملات فإن المجلس يؤكد توافقها مع الشريعة الإسلامية وتعاليمها. 

وبالنظر إلى التاريخ الحديث نجد أن التمويل الإسلامي بشكله الحالي يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث أقيمت أولى مؤسسات التمويل الإسلامي ومنها بنك التنمية الإسلامي (والذي يعتبر مصرفاً غير تابع لأية دولة أقامته الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي) وبنك دبي الإسلامي (أول بنك تجاري إسلامي)، ويضم القطاع حالياً أكثر من 300 مؤسسة (وفقاً لتقديرات متباينة) وأصولاً بقيمة مليارات الدولارات. وعلى الرغم من كون الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا هي مناطق تركز الدول الإسلامية إلا أن أنشطة التمويل الإسلامي متواجدة في مختلف أنحاء العالم وفي مدن من أمثال لندن وجنيف وسنغافورة وهونغ كونغ. 

 تمويل حقيقي

يعد التمويل الإسلامي من أهم مقومات نجاح الصناعة المصرفية الإسلامية، حيث أن توفير بدائل للقروض التقليدية بطريقة متوافقة مع أحكام الشريعة يعد من أهم التحديات التي تواجه العمل المصرفي الإسلامي، وقد نجحت المصارف الإسلامية في تقديم العديد من الصيغ التي يمكن استخدامها في تمويل العديد من القطاعات الاقتصادية من صناعية وتجارية وخدمية بأساليب وصيغ متعددة ومتطورة منها البيع بالمرابحة، المشاركة، المضاربة، التأجير، والاستصناع والسلم. في حين يعتمد التمويل التقليدي على التمويل من خلال عقد القرض بفائدة والذي هو عبارة عن مال مقابل مال مع زيادة، في حين أن العقد في التمويل الإسلامي هو السلع والخدمات حيث لا يجوز التعامل بالنقود بالأجل.

فعندما يتقدم العميل للمصرف الإسلامي طالبا تمويل معين يقوم المصرف بدراسة المشروع المقدم من قبل العميل من الناحية الائتمانية واختيار الصيغة التمويلية الشرعية التي تناسب هذا المشروع ، فالميزة الأساسية للتمويل الإسلامي أن لكل مشروع احتياج معين وصيغة تمويلية شرعية مناسبة ، فبعض الاحتياجات يتم تمويلها من خلال المرابحة مثل شراء السيارات وشراء الأجهزة المنزلية والمعدات ، وبعض المشروعات يتم تمويلها من خلال المشاركة مثل مشاركة العميل في شراء البضائع وإعادة بيعها حيث يحتاج العميل إلي تمويل ويحتاج المصرف إلي خبرة العميل ، وهناك مشروعات يتم تمويلها من خلال المضاربة والتي تصلح لتمويل المشروعات التي تحتاج إلي آلات ومعدات يقوم البنك بشرائها ويقوم العميل بعمليات التصنيع ، ويتم توزيع الأرباح بين البنك والعميل كنسب مئوية تحدد مسبقا من الأرباح المتوقعة وليس من رأس المال ، كما أن هناك عدد من المشروعات التي يتم تمويلها بصيغة الاستصناع ومنها المشروعات التي تحتاج إلى مقاولات وإقامة منشآت مثل إقامة الفنادق والأسواق التجارية والمجمعات السكنية ..

الأرباح التي يحصل عليها المصرف الإسلامي تختلف من صيغة تمويلية إلى أخرى ، فعند التمويل بالمرابحة والتي هي عملية بيع وشراء يحصل المصرف علي ربحية مقابل الجهد الذي يبذله في شراء وتملك تلك السلعة وإعادة بيعها للعميل ، ومقابل المصروفات التي ينفقها البنك في سبيل تملك السلعة ، ثم مقابل المخاطر التي يتحملها البنك خلال فترة تملك السلعة والتي يضمن تسليمها للعميل، أما في المشاركة والمضاربة فالربحية عبارة عن نسبة مئوية من ناتج النشاط وليس من رأس المال ، وفي الواقع عندما تكون ربحية المشروع عالية يكتفي المصرف بنسبة معينة من الأرباح وما زاد عنها فيعد حافزا للمشارك مقابل جهده ، وفي الإجارة تتمثل ربحية البنك في القيمة الإيجارية المحصلة من العميل مقابل الانتفاع بالأصل.

ومن أهم الاختلافات بين التمويل التقليدي والتمويل المتوافق مع أحكام الشريعة، أنه لا يمكن الدخول في تمويل مشروعات مخالفة لأحكام الشريعة مثل المشروبات الكحولية، كما أن المصرف الإسلامي عندما يشتري السلعة فإنه يتملك السلعة فعليا ويضمنها، فإذا هلكت السلعة تحمل المصرف ثمنها، حيث نهي رسول الله صلي الله علية وسلم” عن ربح ما لم يضمن”.

المدونة صممت لغايات تثقيفية فقط، وتهدف إلى تأمين معلومات عامة وفهم عام لمحتواها بما في ذلك القوانين والأنظمة المشار إليها؛ وليس لتأمين نصيحة قانونية دقيقة. لا يجب استخدام المدونة كبديل عن نصيحة خبير مختص ومؤهل.